تساقط الأسنان يرفع من خطورة الإصابةبأمراض القلب
دراسة بريطانية تعزز نتائج الأبحاث السابقة
الرياض: «الشرق الأوسط»
أعطت دراسة بريطانية حديثة مزيداً من الدعم للنتائج التي توصلت إليها دراسات سابقة حول العلاقة القوية والملاحظة بين تساقط أسنان المرء وارتفاع احتمالات خطورة إصابته بأمراض شرايين القلب. وتُعتبر نتائج الدراسة هذه مهمة لتسليطها الضوء على صغار البالغين بالذات وجوانب أضرار استفحال تسوس الأسنان والتهابات اللثة على صحة وسلامة القلب لديهم، بخلاف الدراسات السابقة التي ركزت في بحثها على شرائح من كبار السن، وأيضاً لحديثها بلغة أقوى في وصف العلاقة بين تساقط الأسنان وبين أمراض القلب على أنها من نوع علاقة السبب بالنتيجة، وليس مجرد ملاحظة وجود "علاقة من نوع ما" بينهما. ونُشرت نتائج دراسة باحثي جامعة ليدز في عدد سبتمبر لمجلة "القلب" التابعة لجمعية القلب البريطانية. وشملت متابعة أكثر من 12600 شخص من البالغين البريطانيين، ومن الجنسين. وتمت متابعتهم بدءا من فترة المرحلة الجامعية من العمر، وحتى بلوغهم حوالي 57 سنة. وتحديداً ممن تم لهم فحص الأسنان في فترة الأربعينات والستينات من القرن الماضي، وتمت متابعتها لديهم إلى عام 2005. وكانت المعلومات مستقاة من سجلات هيئة الخدمات الصحية القومية في المملكة المتحدة.
وخلال فترة المتابعة الطويلة، حوالي 60 سنة، تم رصد وفاة حوالي 1400 شخص منهم نتيجة للإصابة بأمراض شرايين القلب.
* تساقط الأسنان ووجد الباحثون أن منْ تتساقط لديهم في مرحلة الشباب أعداد أكبر من الأسنان، تسعة وما فوق، فإن احتمالات إصابتهم بالوفاة نتيجة لأمراض القلب ترتفع بنسبة 35%. وذلك بالمقارنة مع منْ سقطت عنهم أربعة أسنان أو أقل منها. ولاحظ الباحثون أن العلاقة الرابطة تظل كذلك قوية في تأثير تساقط الأسنان على القلب حتى مع اعتبار تأثير عوامل أخرى ترفع هي بالأصل من معدلات الوفيات بأمراض الشرايين القلبية مثل التدخين، المُضر هو بالأصل أيضاً بسلامة اللثة وصحة الأسنان. وقال الدكتور يو - كانج تو، الباحث الرئيس في الدراسة، إن دراستنا تُضاف إلى الأدلة العلمية القائلة بأن وجود حالات من الالتهابات المزمنة في الجسم، سواءً في الفم أو في أعضاء وأجزاء أخرى من بقية الجسم، ربما يرفع من خطورة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية. والمعلوم أن سقوط الأسنان علامة على ضعف مستوى العناية والاهتمام بصحة اللثة والأسنان. وهو ما يُعطي فرصة لنمو أنواع البكتيريا المتسببة بالتهابات اللثة وبتسوس الأسنان، وبالتالي إحداثها عمليات متواصلة من الالتهابات المزمنة. والذي بدوره يُؤدي إلى دخول مواد كيميائية، ناتجة عن سلسلة عمليات الالتهابات المتواصلة، إلى الدم ووصولها إلى شرايين القلب أو غيرها من أجزاء الجسم.
* سلامة اللثة وكانت المجلة الأميركية للطب الوقائي قد نشرت في عدد ديسمبر من عام 2005 نتائج دراسة الباحثين من المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية. والتي شملت متابعة حالة الأسنان وحالة شرايين القلب فيما بين عام 1999 وعام 2002 لأكثر من 40 شخصا من البالغين الذين تراوحت أعمارهم ما بين 40 و 59 سنة. والمهم في هذه الشريحة الكبيرة من الناس أنه تم انتقاؤها من الذين لا يُدخنون ولم يسبق لهم ذلك أبداً. والسبب هو رغبة الباحثين باستثناء تأثير التدخين على كل من الأسنان واللثة وعلى شرايين القلب. وتوصل الباحثون إلى أن ثمة علاقة جدية مهمة بين سلامة الأسنان واللثة وبين الإصابات بأمراض الشرايين القلبية. وتحديداً، بالنسبة لتأثير تساقط الأسنان، لاحظ الباحثون أن منْ سقطت عنهم ما بين 1 إلى 5 أسنان فإن احتمال إصابتهم بأمراض القلب هو حوالي 7%. ومنْ سقطت عنهم ما بين 6 إلى 31 سنا، فإن الاحتمال يرتفع إلى 10%. ومنْ سقطت عنهم كل الأسنان، يُصبح الاحتمال هو حوالي 12%.
والتهابات اللثة من الأمور الشائعة، حيث ان رابطة طب الأسنان الأميركية تشير في نشراتها إلى أن ثلاثة من كل أربعة أشخاص، ما فوق سن الخامسة والثلاثين، لديهم مرض بشكل أو بآخر في الأنسجة المحيطة بالأسنان. وتظهر على هيئة احمرار وانتفاخ وألم في اللثة، خاصة مع الحساسية للمشروبات الباردة أو الساخنة. وحصول نزيف منها حين تنظيف الأسنان بالفرشاة أو استخدام خيط الخلال لتنظيف ما بين الأسنان. وتراجع في غطاء اللثة للسن وبالتالي بروز أجزاء من السن لم تكن ظاهرة من قبل. ووجود صديد على اللثة. وتساقط الأسنان أو خلخلة تماسكها. ويعتبر نمو البكتيريا أهم أسباب ظهور التهابات الأنسجة المحيطة بالأسنان، وهناك عوامل تسهم في هذا أو تؤثر بذاتها في اللثة، فالتدخين على درجة عالية من التأثير في صحة الفم عموماً، واللثة خصوصاً. وتلعب الوراثة دوراً مهماً آخر، فعلى حسب بعض الدراسات فإن الوراثة تؤثر في 30% من الحالات، برغم بذل العناية بالأسنان بشكل صحي. النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهابات اللثة في مراحل تغير نسب أنواع الهورمون الأنثوي في الدم كفترة البلوغ وأثناء الحمل وما بعد انقطاع الدورة الشهرية، ففي هذه الأوقات بالذات عليهن بذل عناية مكثفة بالأسنان واللثة. وبعض الدراسات تحدثت عن أن الحوامل المصابات بالتهاب اللثة، عرضة للولادة في وقت مبكر وإنجاب أطفال متدني الوزن. معايشة الضغوط النفسية ربما تؤدي إلى تأثر اللثة، وهو أمر غير واضح حسب ما تشير إليه الدراسات الحديثة. وتناول بعض الأدوية النفسية والعصبية والأدوية المخفضة لمناعة الجسم، كذلك لها تأثير في اللثة. سوء التغذية ومرض السكري، عاملان مهمان، إذ حينها تلعب عدة عوامل أدواراً مختلفة في ضعف بنية الأنسجة وتدني قوة المناعة وقلة الاهتمام بالصحة العامة وغيرها من الجوانب. وتتضمن المعالجة محاولة وقف نشاط التهاب وتأثر العظم. وذلك من خلال تنظيف مناطق تجمع البكتيريا في ما بين اللثة والسن. وهذا يكفي لغالب الحالات البسيطة أو المتوسطة. لكن هناك ما قد يتطلب مرحلة ثانية من المعالجة يقوم طبيب الأسنان فيها بالتدخل الجراحي، خاصة حينما يصل الأمر إلى العظام المحيطة بالأسنان. هذا مع اهتمام المريض بنفسه عبر تنظيف الأسنان بالفرشاة مرتين يومياً، مع الحرص على إتقان الطريقة السليمة في القيام بذلك، وهو ما يتعلمه المرء من طبيب الأسنان مباشرة. وتنظيف ما بين الأسنان بخيط الخلال مرة يومياً بعد التنظيف بالفرشاة. واستخدام غسول للفم اذا رأى الطبيب ضرورة ذلك، والمتابعة الدورية مع الطبيب وتناول الأغذية المقوية لبناء أنسجة الجسم وجهاز مناعته. والأهم هو الإقلاع عن التدخين.